Thursday, July 23, 2015

المسيحيّة: بين الأمس واليوم.


تميّزت المسيحية عبر العصور بإدخال الحضارة والثقافة والعلوم أينما حلّت عبر جامعاتها ومدارسها. وبالرغم من أخطائها التي إعترفت بها علنيًّا أمام العالم بقيت الكنيسة المؤسسة التي شجّعت وتُشجّع الضمير الإنساني على البحث عن الحقيقة وتعطي مكانة خاصة للجمال والإبداع إذ من خلالهما تتجسّد لنا طبيعة الله الخالق والمُبدع.

أمّا مسيحيّة عصرنا، فتظهر مناقضة بعض الشيء لتاريخها.

فبعض الجماعات تنشر تعاليم تقلّل من قيمة الجمال والجسد والفكر والثقافة.

هي أشبه بالبدع، فتدّعي فهمها التامّ للوحي ولنوايا المسيح.

جماعات تُحرّض ضدّ الفلسفة وتعدّ المفكّرين من المُعقّدين الذين فقدوا بساطة الإيمان وقد نسوا أنّ لا إيمان سليم من دون براهين عقليّة كما أوصى الرسول بطرس.

وبينما التاريخ كلّه يشهد على إبداع الكيسة في الموسيقة ففي أحضانها رأى السلّم الموسيقي النور، تضجّ صلوات مسيحيّي اليوم بموسيقى تُعكّر صفاء الذّهن ولا تُحرّك سوى المشاعر وترفع نسبة الأدرينالين وأمّا الوقار فيختفي بحجّة الحبّ لله.

مسيحيّي اليوم أشبه بالمعلّمين والكتبة الذين يبتعدون عن البائس إذ يرون في البؤس إنعدام لبركة الله مع أنّ المسيح تشبّه بالبؤساء والمرذولين من المجتمع.

مسيحيّي اليوم يدّعون سماع صوت الروح أمّا صوت الفقير والمتألّم والأرملة والكاهن والكنيسة فيعتبرونه صوت الشرّير والخاطئ.

كم نحن بحاجة الى مسيحيّة تُبلسم جروح البشرية كالسامريّ الصالح، تملأ جرار العاطفة كلاما عذبًا فيُحوّله المسيح الى رجاء وانفتاح وأخوّة.

نحن بحاجة الى مسيحيّة تُعطي لقيصر ما هو لقيصر، تنخرط بالمجتمع المدني وتبني أجياله.

المسيحية ليست للنُّخبة وليست للأغنياء. في المسيحية الكلّ له نفس القيمة ولا يوجد غنيّ. يوجد خادم وتُوجد وزنات والكلّ سيؤدّي لله على قدر ما أُعطيَ له.

فالمسيح هو الكلّ بالكلّ.

No comments:

Post a Comment