Saturday, March 21, 2015

كيف أرى التلميذ



إن للتلميذ مشاعر وأحاسيس كما لأي إنسان آخر. فهو يفرح ويحزن، يتشجّع وييأس، يجاهد ويقلق، يرضى ويرفض، يرغب ويخاف... إنّه الشخص الأكثر تفاعلا في مجتمعه لأنّه يكون في مرحلة تكوين الشخصيّة وهي مرحلة يستسلم خلالها لحكمة الكبار ومشورتهم.
أعيش يوميًّا بين تلاميذ تتمحور أعمارهم بين الثالثة عشر والخامسة عشر من العمر ويومًا بعد يوم أزداد يقينا بما لهم من تميّز وإبداع وفرادة ودهاء، فهم شعلة من العاطفة والحماس والنشاط والطيبة.
وإلى جانب هذا التميّز، يتأثر جيل التلامذة الصاعد بمشاكل إجتماعية ووجدانية ضخمة وقليلون هم الأشخاص القادرون على تقديم المساعدة بسبب قلّة الخبرة والمعرفة في طرق الإرشاد والتوعية.
يظهر هذا التأثير من خلال سلوكيات طفولية غير واعية، وحركات الجسد التي تعكس القلق والإضطراب. زد إلى ذلك تدهور المردود العلمي وانخفاض مستوى التركيز الذهني وقلّة النوم وازدياد نسبة العنف والإدمان على مختلف أنواعهما...

كلّما أرى مثل هذه المؤشرات عند تلامذتي أكتشف أهميّة وعظمة ما أقومه من إرشاد وتوعية وتربية.
في بادئ الأمر أسعى الى التقرّب منهم وجعلهم يشعرون بأنّي أتفهّمهم وأشعر بما يجول في أعماقهم.
من ثمَّ أقول لهم بأنّي مستعدّ دائماً إن أرادوا التحدّث بأي شيء وبأنّهم ليسوا وحدهم.
كما أسعى لاستغلال كلّ فرصة من أجل مساعدتهم على تسميّة المشاعر والمشاكل بأسمائها وتشجيعهم على الكلام إذ إنّ البوح بالمشاعر هي وسيلة أساسية لبداية الإستنارة الذهنيّة والراحة النفسيّة. كلّ ذلك في جوّ من الهدوء والإصغاء وتقديم المشورة.

فنحن الأساتذة، لسنا نؤدّي وظيفة تعليمية فقط بل  تربويّة، أيّ بنّاءة للفرد بأكمله، جسدا (من خلال الرياضة وحسن السلوك) وفكرا (من خلال العلوم) ونفسا (من خلال الإصغاء والإرشاد).