Saturday, December 24, 2016

طفل المغارة، المصلوب القائم





من يمنح الرغبة بالحياة لملايين العائلات التي فقدت منازلها بسبب الحروب والكوارث الطبيعيّة...؟
من يعزّي آباء وأمّهات فقدوا بنيهم في عمر الشباب؟
من يكافئ الأشخاص التي ضحّت بمحبّة لكي تخفّف ثقل الحياة على المحتاجين؟
من يمنح الرجاء للشباب التائه والغارق في الضجر والذي يبحث عن الحبّ المجّاني؟
من يعيد النور للعلم الذي بات يُستعمل اليوم في خدمة عالم الظلام؟

يقول الإنجيل أنّ يسوع  لم يعدّ مساواته لله غنيمة...
ولم يأت في قصر ولم يكن إبن القيصر بل حُكِمَ عليه في قصر القيصر...
ولم يجد له والديه مسكنًا وهاجرَ معهما إلى بلاد مصر...
لم يقبل به حكّام شعبه وأسلموه لحكم الموت...
باعه الإسخريوطي تلميذه بثلاثين من الفضّة...

واليوم... ومن وسط الظلم والفساد والحروب والأنانيّة والخيانة والإستغلال والمرض والوحدة ومرارة الماضي وخسارة أفراد من العائلة  وإلخ... تشتاق البشريّة  إلى يسوع لكي يعتقها ويمنحها حياةً لا يفسدها شيء...

ها هو آتٍ... طفل المغارة آتٍ...وبالرّغم من شموليّة لقائه، يبقى الإيمان هو الطريق الوحيد الذي يجعل  اللقاء بطفل المغارة والرجل المعلّق على الصليب لقاءً مُثمِرًا...
الإيمان بالله الإبن الّذي أخلى ذاته وصار إنسانًا مجبولاً بالضعف مثلنا...
يا لعظمة هذا الضعف الذي يمنحنا اليوم طبيعته الإلهية بإتّحاده بطبيعتنا!
وُلِدَ المسيح إبن الله لنولد بقلب الله الآب! هلليلويا!

Thursday, November 24, 2016

فوضى أم قلّة إنسجام



صف سيّء وفوضوي، أم تلامذة غير منسجمين ومحفّزين؟
نظرتان مختلفتان لواقع واحد.
النظرة الأولى هي حُكم ناتج عن انتظارات باطنية لواقع كامل لا تشوبه الأخطاء. تركّز هذه النظرة على الواقع السلوكي فقط ولا تجعل المعلّم يرى فردية كل تلميذ.
بل إختلاف التلاميذ هذا وعدم انسجامهم فيما بينهم وعدم تأقلمهم مع جوّ المدرسة يولِّد عند المعلّم الشعور بعدم الإستقرار وقلّة الكفاءة فيجعله يُلقي اللّوم أوّلاً على أشخاص وُجِدوا مع بعضهم من أجل هدف سام دون أن يختاروا هم شخصيًّا هذا الوجود وثانيًا على إدارة لا تغيّر هذا الواقع بطريقة تنسجم مع إنتظاراته كمعلّم.

أمّا النظرة الثانية لواقع الصفّ الفوضوي، هي وجود مجموعة من تلاميذ غير منسجمين فيما بينهم وغير محفّزين هي نظرة تتناسب مع الفكر التربوي المعاصر والسليم.
فهي تجعلنا نرى التلاميذ كأفراد مستقلّين، لكلّ منهم طموح وهواجس ومعوّقات تتخطّى إرادته الواعية.
تسمح لنا هذه النظرة تقدير كلّ فرد للجهد الذي يقدّمه من أجل تحقيق ذاته على الصعيد الإجتماعي والأكاديمي والنفسي.
كما تحفّز عند المعلّم الرغبة في إثبات الذات عبر إيجاد الحلول التربويّة السّليمة في سبيل خلق مجموعة منسجمة وغنيّة في تنوّع قدرات أفرادها.
ترفض هذه النظرة فكرة الهيمنة والتسلّط لأنّها لا تسعى لإخضاع المجموعة بل تتبنّى منطق "قائد الأوركسترا" الذي ينظّم الإختلاف من دون إلغائه ليخلق "سيمفونيّة" تبهر الجمهور.

النظرة الأولى تعتبر التلاميذ مصدر قلق وعلى المعلّم أخذ الحيطة والحذر في التعامل معهم أمّا الثانية تشجّع الإختلاف وتعطي أهميّة للوقت والرغبة في النموّ عند كلّ إنسنان، تَخَلَّق فريق عمل متجانس يحترم محدوودية الفرد ويقدّم الدعم لمن يحتاجه.