Tuesday, May 12, 2015

المدرسة. ما بين القمع والمحبّة.


لم يضع المسيح شروطا لكي يظهر محبّته اللامتناهية للبشر.
يكفي أنّ نتأمّل في هذا العمل لكي نتعلّم أن الحبّ والمجّانية هما وجهان لعملة واحدة.
إنطلاقا من هذه الحقيقة، نرى أنّ الحبّ هو العامل الوحيد الذي بإمكانه إنتشال المحبوب من موته (انعدام الإنسانية- العنف- البغض- الكسل- الرياء- الفجور- التحزٌب- الضلال...).
خبرتي الحياتية تتطابق مع هذه الحقيقة ولكن على الرّغم من مصداقيتها يبقى الثبات في الحقّ جهادا يوميّ.

وفيما يختصّ مجال عملي ألا وهو التربية، وتحديدا وظيفتي كمستشار تربوي لتلاميذ الصفوف المتوسّطة،  أرى أنّ هذه العقلية، عقلية الحبّ الغير مشروط هي الطريقة الأنجح للحصول على تلاميذ مميّزين ومطواعين.
عقلية المحبّة المجانية تدفع بي كمعلّم الإبتعاد عن خيبات الأمل المهنيّة وإبعاد التلميذ عن منطق التبعيّة والغطرسة.
فالتلميذ مقبول كما هو.
أثق به فيصبح صادقا.
أستمع إليه فيستمع إليّ.
أحترمه فيحترم نفسه ووعوده.
أدعمه فيبدأ بالطموح.
أسامحه فيعي أهميّة الأمانة.
أكره أعماله الخاطئة وأدافع عن حقّه بالكرامة فيصبح عادلا وإنسانيًّا.
أسأل عنه فيزداد إنتماؤه.
أُحاوره فينضج.
أخاطبه فيتقدّم بجدّية.

أُلاحظ يوميا انسجام الأولاد وراحتهم مع هذا الأسلوب وهم بالمقابل يبدؤون بالتمسّك بهذا الأسلوب.

إنّها المحبّة وليست القمعية التي تجعل من الإنسان مطواعا للفضيلة.

هذه المحبّة تدعو الآخر إلى التعقّل وتهرع بعيداً عن منطق الإجبار.
هذه المحبّة تُجسّد الفضيلة فتصبح الطريق المؤدّية الى الإيجابية.
المحبّة تُصغي ولا تملِ. 
المحبّة تقترح ولا تهدّد.
المحبّة تُجمّل ولا تُهمّش.
المحبّة تبتسم ولا تُجرِّح.

المحبّة تَثِق، تُربّي، تُعلِّم.
المحبّة هي المدرسة،
ولا مدرسة بدون المحبّة.

No comments:

Post a Comment